الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ***
قاعدة: قال البلقيني: كل من استحقت النفقة من زوجة غير رجعية, استحقت القسم, إلا الواهبة ومن تخلفت لمرض, وقد سافر لجميع نسائه والمجنونة التي يخاف منها لا قسم لها, وإذا لم يظهر منها نشوز ولا امتناع فالنفقة واجبة, قلته تخريجا انتهى.
ضابط: قال في الرونق, واللباب: كل من علق الطلاق بصفة, لم يقع دون وجودها, إلا في خمس مسائل: الأولى: إذا قال لها: إذا رأيت الهلال فأنت طالق: تطلق برؤية غيرها له. الثانية: أنت طالق برضا فلان. الثالثة: أنت طالق أمس. الرابعة: أنت طالق للسنة والبدعة. الخامسة: أنت طالق طلقة حسنة قبيحة; تطلق في الحال في الأربعة.
ضابط: لا يقع الطلاق على أختين معا, إلا في المشرك إذا نكح أختين وطلقهما في الكفر ثلاثا ثلاثا, فإنه ينفذ فلو أسلم لم ينكح واحدة إلا بمحلل. وزاد البلقيني أخرى تخريجا. وهي: ما لو طلق زوجته رجعيا فعاشرها, فإن العدة لا تنقضي ولا يراجع بعد مضي قدرها ويلحقها الطلاق وله نكاح أختها. وحينئذ: يمكن إيقاع الطلاق عليهما معا.
ضابط: قال البلقيني: لا يوقف الإيلاء إلا في مواضع: منها: إذا آلى من صغيرة لا يمكن وطؤها, فإنه يوقف حتى يمكن, فتضرب له المدة. ومنها: إيلاء المرتد من المرتدة في زمن العدة. قلت: وإيلاء المطلق من الرجعية موقوف على الرجعة.
ضابط: ليس لنا امرأة يصح ظهارها ولا تصح رجعتها إلا ثلاث: الأولى: المبهمة في إحداكما طالق: لا تصح رجعتها مع الإبهام ويصح ظهارها. الثانية, والثالثة: المحرمة والبائن الحامل من الزنا, لا تصح رجعتهما على رأي ضعيف فيهما, ويصح ظهارهما قطعا.
ضابط: اللعان لا يكون إلا واجبا, أو حراما. فالأول: لنفي النسب, ودفع حد القذف. والثاني: الكاذب. والقذف: يكون واجبا وحراما وجائزا. وينفرد اللعان للنسب بكونه على الفور إلا في موضعين: الحمل له التأخير إلى وضعه, وما إذا احتاج إلى قذف, فإنه يؤخره عنه. وكل لعان غير ذلك, لا فور فيه. ضابط: ليس لنا امرأة تلحق بالمطلقة ثلاثا, في تحريمها قبل زوج وحلها بعده, إلا الملاعنة, على وجه ضعيف. ضابط: ليس لنا مجهول, لا يستلحقه إلا واحد معين غير المنفي باللعان عن فراش نكاح صحيح لا يستلحقه إلا نافيه.
ضابط: العدة أقسام: الأول: معنى محض, وهي: عدة الحامل. الثاني: تعبد محض: وهي: عدة المتوفى عنها زوجها, ولم يدخل بها, ومن وقع عليها الطلاق بيقين براءة الرحم, وموطوءة الصبي الذي لا يولد لمثله, والصغيرة التي لا تحبل قطعا. الثالث: ما فيه الأمران, والمعنى أغلب وهي: عدة الموطوءة التي يمكن حبلها ممن يولد لمثله, سواء كانت ذات أقراء أو أشهر, فإن معنى براءة الرحم أغلب من التعبد بالعدد المعتبر. الرابع: ما فيه الأمران والتعبد أغلب وهي عدة الوفاة للمدخول بها التي يمكن حملها وتمضي أقراؤها في أثناء الأشهر, فإن العدد الخاص أغلب في التعبد. قاعدة: كل فرقة: من طلاق أو فسخ بعد الوطء, ولو في الدبر, أو استدخال الماء المحترم: توجب العدة إلا في موضعين: أحدهما الحربية إذا سبيت وزوجها حربي: لا يلزمها العدة بل الاستبراء, فإن كان زوجها مسلما, فقال البلقيني: يظهر من كلامهم في السير وجوب العدة لحرمة ماء المسلم قال: والأرجح عندي, الاستبراء بحيضة لعموم الأخبار في استبراء المسبيات, قال: أو ذميا رتب على ما سبق وأولى في الاكتفاء بحيضة. الثاني: الرضيع مثلا, إذا استدخلت زوجته ذكره ثم فسخ النكاح: فلا عدة. ضابط: كل من انقضت عدتها بالأقراء, فلا تبطل إلا إذا ظهر حملها من غير زنا. والمتحيرة إذا زال تحيرها بعد انقضاء عدتها فظهر أنه بقي عليها بقية تكملها, أو بالأشهر فكذلك إلا بالحمل المذكور وبوجود الحيض في الآيسة, على ما رجحه جماعة. ضابط: لا تنقضي العدة بالأقراء أو الأشهر مع وجود الحمل إلا في حمل الزنا وفيما لو أحبل خلية بشبهة ثم نكحها ووطئها وطلقها فلا تداخل, فتعتد بعد وضعه للفراق. فلو رأت الدم وجعلناه حيضا: انقضت به عدة الفراق على الأرجح وكذا بالأشهر قاله البلقيني. ضابط: لا يعتبر في العدة أقصى الأجلين, إلا فيما إذا طلق إحدى نسائه ومات قبل البيان, أو أسلم على أكثر من أربع, ومات قبل الاختيار, أو مات زوج أم الولد, وسيدها, ولم يدر السابق. ضابط: ليس لنا حرة تعتد بقرأين, إلا الموطوءة بشبهة على ظن أنها زوجته الأمة, الأمة تعتد بثلاثة أقراء, إلا الموطوءة بشبهة على ظن أنها زوجته الحرة في الأصح. ضابط: ليس لنا امرأة تعتد للطلاق ونحوه بثلاثة قروء, وللموت بشهرين وخمسة أيام, إلا اللقيطة التي تزوجت ثم أقرت بالرق, فإن أولادها قبل الإقرار أحرار وبعده أرقاء وتعتد بثلاثة قروء للطلاق ونحوه, وللوفاة بشهرين وخمسة أيام; لأن عدة الوفاة لا تتوقف على الوطء, فلم يؤثر ظن الحرية في زيادتها, وتسلم ليلا ونهارا كالحرة, ويسافر بها بغير إذن مالكها. وقد ألغز بعضهم في ذلك, فقال: سل الحبر عن حر تزوج حرة حصانا تريك الشمس من طلعة البدر بتولية القاضي على مهر مثلها ومن طلب الحسناء لم تغل بالمهر فأولدها حرا وعبدا وحرة على نسق في عقدها السابق الذكر على أنه ذو الطول واليسر والغنى وللموت خير من حياة على فقر وعدتها لو طلقت وهي حامل ثلاثة أقرا عدة الكامل الحر على أنه لو مات عنها تفجعت بخمسة أيام وشهر إلى شهر وقيل: بقرء واحد, وهي حيضة وذلك من ذات الترفق تستبري نعم: وله تسليمها دون حرفة نهارا وليلا, باتفاق أولي الأمر ويوطئها شرق البلاد وغربها بلا إذن مولى نافذ النهي والأمر ولا عجب إن أعوز الحبر أمرها فإن خفايا الشرع تنبو عن الحصر وللشيخ نجم الدين البادرائي فيها أيضا: أيا فقهاء العصر, هل من مخبر *** عن امرأة حلت لصاحبها عقدا إذا طلقت بعد الدخول تربصت *** ثلاثة أقراء حددن لها حدا وإن مات عنها زوجها فاعتدادها *** بقرء من الأقراء, تأتي به فردا فأجابه تاج الدين بن يونس. وكنا عهدنا النجم يهدي بنوره *** فما باله قد أبهم العلم الفردا سألت فخذ عني فتلك لقيطة *** أقرت برق, بعد أن نكحت عمدا
قال في التخليص: الرضاع أقسام: أحدها: ما لا يحرم, لا على الرجل ولا على المرأة, وهو لبن الرجل والخنثى والميتة, والمرضع به من له حولان. الثاني: ما يحرم على المرأة دون الرجل, وذلك لبن الزنا والبكر والثيب التي لم تتزوج والملاعنة والمزوجة غير المدخول بها. الثالث: ما يحرم على الرجل دون المرأة وهو: ما لو رضع من خمس أخوات أو بنات لرجل خمس رضعات: حرم عليه دونهن. الرابع: ما يحرم عليهما; وهو واضح.
قاعدة: البائن الحامل لها نفقة بنص القرآن, وهل هي للحمل لأنها تجب بوجوده, وتسقط بعدمه, أو لها بسببه لأنها تجب على الموسر وغيره؟ قولان. أصحهما الثاني. ويتخرج على القولين اثنان وثلاثون فرعا. الأول: أنها تجب على العبد. إن قلنا لها, وإلا فلا. الثاني: تسقط بمضي الزمان إن قلنا لها وإلا فلا. الثالث: المعتدة عن فسخ منها أو بسببها. إن قلنا له, وجبت وإلا فلا. الرابع: لاعنها ونفى الحمل ثم أكذب نفسه. إن قلنا لها: أخذت عما مضى وإلا فلا. الخامس: المعتدة عن وطء نكاح فاسد أو شبهة. إن قلنا له وجبت, وإلا فلا. السادس: طلقها ناشزة. إن قلنا له وجبت, وإلا فلا. السابع: نشزت بعد الطلاق; إن قلنا له وجبت, وإلا فلا. الثامن: ارتدت بعد الطلاق كذلك. التاسع: يصح ضمان النفقة إن قلنا لها, وإلا فلا. العاشر: أعسر بها. استقرت في ذمته, إن قلنا لها, وإلا فلا. الحادي عشر: هي مقدرة, إن قلنا لها وإلا فلا. الثاني عشر: كان الزوج حرا وهي أمة, والولد حر وقلنا: لا نفقة للأمة الحامل إذا طلقت إن قلنا له وجبت وإلا فلا. الثالث عشر: كان الحمل رقيقا برق الأم. إن قلنا لها, وجبت وإلا فلا; لأن نفقة الولد الرقيق على مالكه, لا على أبيه. الرابع عشر: مات الزوج قبل وضعه. إن قلنا له سقطت; لأن نفقة القريب تسقط بالموت, وإلا فوجهان. الخامس عشر: مات الزوج عن تركة, فإن قلنا له, وجبت في حصته من التركة, وإلا فلا. السادس عشر: لم يخلف مالا وخلف أبا, وجبت عليه. إن قلنا له, وإلا فلا. السابع عشر: أبرأت الزوج منها, صح إن قلنا لها, وإلا فلا. الثامن عشر: أعتق أم ولده الحامل منه, فإن قلنا له وجبت, وإلا فلا. التاسع عشر: عجل لها النفقة بغير أمر الحاكم. العشرون: تصرف إليها من الزكاة. إن قلنا له وجبت, وإلا فلا. الحادي والعشرون: سافرت بإذنه لغرضه, إن قلنا له, وإلا فلا. الثاني والعشرون: أحرمت بإذنه كذلك. الثالث والعشرون: يجوز الاعتياض عنها. إن قلنا له, وإلا فلا. الرابع والعشرون: أسلم قبلها وجبت. إن قلنا له, وإلا فلا. الخامس والعشرون: سلم إليها نفقة يوم, فخرج الولد ميتا في أوله. استرد, إن قلنا له, وإلا فلا. السادس والعشرون: عليه فطرتها, إن قلنا لها, وإلا فلا. السابع والعشرون: تملك النفقة بالتسليم إن قلنا لها وإلا فلا. الثامن والعشرون: أتلفها متلف بعد تسلمها; لها البدل. إن قلنا له, وإلا فلا. التاسع والعشرون: قدر المعسر على الاكتساب وجب إن قلنا له, وإلا فلا. الثلاثون: حملت الأمة من رقيق في صلب النكاح, فالنفقة على سيدها. إن قلنا له, وإلا على العبد بحق النكاح, والصورة السابقة. صورتها في المبتوتة. الحادي والثلاثون: نشزت في النكاح, وهي حامل: سقطت نفقتها. إن قلنا لها وإلا فلا. الثاني والثلاثون: اختلفت المبتوتة والزوج, في وقت الوضع, فقالت: وضعت اليوم, وطالبته بنفقة شهر وقال: بل وضعت من شهر, فالقول قولها, وعليه البينة لأن الأصل عدم الولادة وبقاء النفقة; ولأنها أعرف بوقت الولادة. قال الرافعي وهذا ظاهر على قولنا: إن النفقة للحامل. فإن قلنا: للحمل: لم نطالبه لسقوطها بمضي الزمان.
ضابط: قال المحاملي: الأم أولى بالحضانة, إلا في صور: إذا امتنع كل من الأبوين من كفالته, فإنه يلزم به الأب. وإذا كان الأب حرا أو مسلما, أو مأمونا, وهي بخلاف ذلك, أو يريد سفر نقلة, أو تزوجت. زاد غيره: أو إذا كانت الأم مجنونة, أو لا لبن لها, أو امتنعت من إرضاعه, أو عمياء كما بحثه ابن الرفعة أو بها برص أو جذام كما أفتى به جماعة. ضابط: إذا اجتمعت نساء القرابات, فنساء الأم أولى, إلا في صورة واحدة: وهي: إذا اجتمعت الأخت للأب, والأخت للأم, فإن الأخت للأب أولى, على الجديد.
ضابط: القتل أربعة أقسام: أحدها: ما يوجب القصاص, والدية, والكفارة, وهو القتل العمد العدوان المكافئ, ولا مانع. الثاني: ما لا يوجب واحدا منها, وهو قتل المرتد, والزاني المحصن, ونحوهما. الثالث: ما يوجب الدية والكفارة, دون القصاص, وهو الخطأ, وشبه العمد, وبعض أنواع العمد. الرابع: ما يوجب القصاص والكفارة, دون الدية. وهي: ما إذا وجب لرجل على آخر قصاص في النفس لقتل مورثه, فجنى المقتص على القاتل: فقطع يديه, فإنه ليس له بعد ذلك الدية. لو عفا, ولو أراد القصاص, فله. ضابط: قال في التلخيص: كل عاقل بالغ قتل عمدا, وجب القود إذا كانا متكافئين, إلا في الأصول, وإذا ورث القاتل بعض قصاص المقتول. قاعدة: قال في الرونق: لا يجب القصاص بغير مباشرة, إلا في المكره, والشهود إذا رجعوا. فائدة: المقاتل: الدماغ; والعين, وأصل الأذن, والحلق, ونقرة النحر, والأخدع, والخاصرة والإحليل والأنثيين والمثانة والعجان والصدر والبطن والضرع والقلب. قاعدة: يعتبر في القصاص: التساوي بين الجاني والمجني عليه, في الطرفين, والواسطة حتى لو تخللت حالة, لم يكن المقتول فيها كفؤا للقاتل, لم يجب القود لأنه مما يدرأ بالشبهة. ونظيره في ذلك: حل الأكل, يشترط فيه كون رامي الصيد مما تحل ذبيحته في الطرفين والواسطة; لأن الأصل في الميتات الحرمة. وكذا في تحمل العاقلة يعتبر الطرفان, والواسطة: لأنها مؤاخذة بجناية الغير, فهي معدولة عن القياس, فاحتيط فيها. كما يحتاط في القود. وأما الدية: فيعتبر فيها حال الموت, لأنها بدل متلف, فيعتبر بوقت التلف. قاعدة: من قتل بشخص: قطع به, ومن لا فلا. واستثنى في الشرح الصغير من الأول: اليد الشلاء مثلا, فإن صاحبها يقتل قاتله, ولا يقطع; لأن شرطها أن يكون نصفا من صاحبها, وليست الشلاء كذلك. واستثنى البلقيني من. الثاني: ما إذا جنى المكاتب على عبده في الطرف, فله القصاص منه كما نص عليه في الأم. سواء تكاتب عليه أم لا, مع أنه لا يقتل به, على الأصح. قال: ولم أر من تعرض لاستثنائها. قاعدة: ما له مفصل, أو حد مضبوط من الأعضاء; جرى فيه القصاص, وما لا فلا فمن. الأول: اليدان والرجلان من الكوع والكعب والمرفق والركبة. والمنكب, والفخذ, وأنامل الأصابع. ومن المضبوط: العين, والجفن, والمارن, والأذن, الذكر, والأنثيان, والأليان, والشفران, والشفة, واللسان, وقلع السن. ويراجع أهل الخبرة في سل الأنثيين, أو إحداهما, ودقهما. ومن. الثاني: كسر العظام, ودق الأنثيين, فيما بحثه الرافعي, واللطمة, والضربة.
قال الماوردي: يعتبر في استيفاء القصاص عشرة أشياء: أحدها: حضور الحاكم, أو نائبه. ثانيها: حضور شاهدين. ثالثها: حضور الأعوان, فربما يحتاج إلى الكتف. رابعها: يؤمر المقتص منه بقضاء ما عليه من الصلاة. خامسها: يؤمر بالوصية فيما له وعليه. سادسها: يؤمر بالتوبة من ذنوبه. سابعها: يساق إلى موضع القصاص برفق, ولا يشتم. ثامنها: تشد عورته بشداد, حتى لا تظهر. تاسعها: تسد عينه بعصابة, حتى لا يرى القتل. عاشرها: يمد عنقه ويضرب بسيف صارم. لا كال, ولا مسموم. قاعدة: لا يستوفى القصاص إلا بإذن الإمام. واستثني صور: الأولى: السيد يقيم على عبده القصاص كما هو مقتضى تصحيح الشيخين: أنه يقيم عليه حد السرقة والمحاربة, فإن جماعة أجروا الخلاف المذكور في القتل, والقطع قصاصا. الثانية: قال ابن عبد السلام في قواعده: لو انفرد, بحيث لا يرى, ينبغي أن يمنع منه لا سيما إذا عجز عن إثباته, ويوافقه قول الماوردي: إن من وجب له حد قذف, أو تعزير, وكان بعيدا عن السلطان: له استيفاؤه إذا قدر عليه بنفسه. الثالثة: قال في الخادم: القاتل في الحرابة لكل من الإمام والولي الأمر بقتله, دون مراجعة الآخر. صرح به الماوردي. قاعدة: من قتل بشيء قتل بمثله. ويستثنى منها صور يتعين فيها السيف: الأولى: إذا أوجره خمرا, حتى مات. الثانية: إذا قتله باللواط, وهو ممن يقتله غالبا. الثالثة: إذا قتله بسحر. الرابعة: إذا شهدوا بزنا محصن فرجم, ثم رجعوا, على وجه. صوبه في المهمات. الخامسة: إذا أنهشه أفعى, أو حبسه مع سبع في مضيق, فهل يتعين للسيف, أو يقتل بمثل ما فعل؟ وجهان. حكاهما الماوردي, ونقله ابن الرفعة, والقمولي بلا ترجيح. وقضية كلام الأذرعي: ترجيح الثاني. الصور التي يثبت فيها القصاص دون الدية لو عفا منها: المرتد إذا قتل المرتد فيه القصاص, ولو عفا, فلا دية. ضابط: من استحق القصاص, فعفا عنه على مال: فهو له, إلا في صورة. وهي ما لو جنى على عبد فأعتقه السيد ثم مات بالسراية وله ورثة غير المعتق وأرش الجناية مثل الدية, أو أكثر. فإن للورثة القصاص, ولو عفوا على مال. كان للسيد; لأن أرش الجناية التي وقعت في ملكه له.
هي أنواع: الأول: ما يجب فيه دية كاملة, وذلك النفس, واللسان, والكلام, والصوت, والذوق والمضغ والعقل والسمع والبصر والشم, والحشفة والجماع والإحبال والإمناء والإفضاء والبطش والمشي, وسلخ الجلد واللحم الناتئ على الظهر, على ما في التنبيه, وفسره ابن الرفعة بالسلسلة وقال: إنه لا ذكر لذلك في الكتب المشهورة. قال الأذرعي: ولا في المهذب وهي غريبة جدا قال: نعم ذكرها الجرجاني في الشافي والتحرير تبعا للتنبيه وأقره المستدركون, قال والظاهر خلافه. وزاد الإمام: لذة الطعام فهذه عشرون. الثاني: ما يجب فيه نصف الدية, وذلك في كل عضو في البدن منه اثنان وتكمل الدية فيهما, وذلك عشرة: اليد والرجل, والأذن والعين, والشفة واللحى, والحلمة والألية, وأحد الأنثيين, والشفرين. الثالث: ما يجب فيه الثلث, وذلك أربعة: إحدى طبقات الأنف, والآمة والدامغة والجائفة. الرابع: ما يجب فيه الربع, وهو الجفن خاصة. الخامس: ما يجب فيه العشر, وهو الأصبع. السادس: ما يجب فيه نصف العشر وهو خمسة: أنملة الإبهام والسن, وموضحة الرأس أو الوجه, والهشم كذلك والنقل. السابع: ما يجب فيه عشر العشر, وهو كسر الضلع والترقوة في القديم. ضابط: من كتابي الخلاصة: لا يسقط القصاص, كالضمان بالعود في الجرم, بل العاني.
قاعدة: كل من جنى جناية, فهو المطالب بها, ولا يطالب بها غيره, إلا في صورتين: العاقلة: تحمل دية الخطأ, وشبه العمد, والصبي المحرم إذا قتل صيدا أو ارتكب موجب كفارة, فالجزاء على الولي, لا في ماله.
قال النووي في تهذيبه: الكفر أربعة أنواع: كفر إنكار, وكفر جحود, وكفر عناد, وكفر نفاق. من أتى الله بواحد منها لا يغفر له, ولا يخرج من النار. قاعدة: قال الشافعي: لا يكفر أحد من أهل القبلة. واستثني من ذلك: المجسم, ومنكر علم الجزئيات. وقال بعضهم: المبتدعة أقسام: الأول: ما نكفره قطعا, كقاذف عائشة رضي الله عنها ومنكر علم الجزئيات, وحشر الأجساد, والمجسمة, والقائل بقدم العالم. الثاني: ما لا نكفره قطعا, كالقائل بتفضيل الملائكة على الأنبياء, وعلي على أبي بكر. الثالث, والرابع: ما فيه خلاف, والأصح: التكفير, أو عدمه, كالقائل بخلق القرآن صحح البلقيني التكفير, والأكثرون: عدمه. وساب الشيخين, صحح المحاملي التكفير والأكثرون عدمه. ضابط: منكر المجمع عليه أقسام: أحدها: ما نكفره قطعا, وهو ما فيه نص, وعلم من الدين بالضرورة, بأن كان من أمور الإسلام الظاهرة, التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام. كالصلاة, والزكاة والصوم, والحج, وتحريم الزنا, ونحوه. الثاني: ما لا نكفره قطعا, وهو ما لا يعرفه إلا الخواص, ولا نص فيه: كفساد الحج بالجماع قبل الوقوف. الثالث: ما يكفر به على الأصح, وهو المشهور المنصوص عليه, الذي لم يبلغ رتبة الضرورة, كحل البيع, وكذا غير المنصوص. على ما صححه النووي. الرابع: ما لا نكفره على الأصح, وهو ما فيه نص. لكنه خفي, غير مشهور, كاستحقاق بنت الابن السدس, مع بنت الصلب. ضابط: كل من صح إسلامه, صحت ردته جزما, إلا الصبي المميز, إسلامه صحيح على وجه مرجح, ولا تصح ردته. قاعدة: ما كان تركه كفرا, ففعله إيمان, وما لا فلا.
قاعدة: من أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة, عزر. أو فيها أحدهما, فلا. ويستثنى من الأول صور: الأولى: ذوو الهيئات في عثراتهم. نص عليه الشافعي للحديث. وحكى الماوردي في ذوي الهيئات وجهين: أحدهما: أنهم أصحاب الصغائر دون الكبائر. والثاني: أنهم الذين إذا أتوا الذنب ندموا عليه, وتابوا منه. ونص الشافعي على أنهم الذين لا يعرفون بالشر. الثانية: الأصل لا يعزر بحق الفرع, كما لا يحد بقذفه, وإن لم يسقط حق الإمام من ذلك صرح به الماوردي. الثالثة: إذا وطئ حليلته في دبرها لا يعزر أول مرة, بل ينهى, وإن عاد عزر. نص عليه في المختصر, وصرح به جماعة. الرابعة: إذا رأى من يزني بزوجته, وهو محصن. فقتله في تلك الحالة, فلا تعزير عليه وإن افتات على الإمام لأجل الحمية, والغيظ, حكاه ابن الرفعة عن ابن داود. ونقل الماوردي, والخطابي عن الشافعي: أنه يحل له قتله باطنا, وإن كان يقاد به في الظاهر. الخامسة: إذا نظر إلى بيت غيره, ولم يرتدع بالرمي, ضربه صاحب البيت بالسلاح ونال منه ما يردعه. قال الرافعي عن النص: ولو لم ينل منه صاحب الدار عاقبه السلطان, هذا لفظه ومقتضاه عدم التعزير إذا نال منه, وكأنه حد هذه المعصية. وقد يقال: هذا نوع تعزير, شرع لصاحب المنزل, وإن لم يستوفه, فللإمام استيفاؤه. السادسة: إذا دخل واحد من أهل القوة إلى الحمى الذي حماه الإمام للضعفة, ونحوهم فراعى منه. قال القاضي أبو حامد: لا تعزير عليه ولا غرم. وإن كان عاصيا. كذا في المهمات. وكلام أبي حامد في زيادة الروضة: ليس فيه وإن كان عاصيا. وقال البلقيني: ليس هذا بعاص, وإنما فعل مكروها, ولا تعزير فيه. السابعة: إذا ارتد, ثم أسلم فإنه لا يعزر أول مرة. نقل ابن المنذر الاتفاق عليه. الثامنة: إذا كلف السيد عبده مالا يطيق: لا يعزر أول مرة, بل يقال له: لا تعد, فإن عاد عزر. ذكره الرافعي. التاسعة: إذا طلبت الزوجة نفقتها بطلوع الفجر. قال في النهاية: الذي أراه أن الزوج إن قدر على إجابتها, فهو حتم ولا يجوز تأخيره, وإن كان لا يحبس ولا يوكل به, ولكن يعصي بمنعه. العاشرة: إذا عرض أهل البغي بسب الإمام: لم يعزروا على الأصح من زوائد الروضة; لأنه ربما كان مهيجا لما عندهم, فينفتح بسببه باب القتال. ويستثنى من الثاني صور: الأولى: الجماع في رمضان: فيه التعزير, مع الكفارة. حكى البغوي في شرح السنة: الإجماع عليه. وفي شرح المسند للرافعي ما يقتضيه, وجزم به ابن يونس في شرح التعجيز. وقال البلقيني: ما ادعاه البغوي غير صحيح, فإنه عليه السلام لم يعزر المجامع في نهار رمضان. ولم يذكر ذلك أحد من الأئمة القدماء في خصوص المسألة, فالصحيح أنه لا يعزر, وجزم به ابن الرفعة في الكفاية. الثانية: جماع الحائض: يعزر فاعله بلا خلاف, مع أن فيه الكفارة ندبا, أو وجوبا. الثالثة: المظاهر: يجب عليه التعزير مع الكفارة. قلت: أفتى بذلك البلقيني وقد ظاهر في عصره صلى الله عليه وسلم جماعة, ولم يرد أنه عزر واحدا منهم. الرابعة: إذا قتل من لا يقاد به: كابنه, وعبده: وجب عليه التعزير, كما نص عليه في الأم مع الكفارة. الخامسة: اليمين الغموس: فيها التعزير مع الكفارة. تتمة: ويكون التعزير في غير معصية في صور: منها: الصبي, والمجنون: يعزران إذا فعلا ما يعزر عليه البالغ, وإن لم يكن فعلهما معصية نص عليه في الصبي, وذكره القاضي حسين في المجنون. ومنها: نفي المخنث. نص عليه الشافعي, مع أنه لا معصية فيه, إذا لم يقصده إنما فعل للمصلحة. ومنها: قال الماوردي: يمنع المحتسب من يكتسب باللهو, ويؤدب عليه الآخذ, والمعطي. وظاهره: يشمل اللهو المباح. ومنها: قال البلقيني: حبس الحاكم من ثبت عليه الدين, وادعى الإعسار. لا وجه له, إلا أن يدعي أن هذا طريق في الظاهر بين الناس إلى خلاص الحقوق, فيفعل هذا عملا بأن الظاهر الملاءة.
قاعدة: قال الشيخ أبو حامد وغيره: لا يجوز للمسلم أن يدفع مالا إلى الكفار المحاربين. إلا في صور: إذا أحاط العدو بالمسلمين من كل جهة, ولا طاقة لهم به. وإذا كان في أيديهم أسرى من المسلمين, يجب افتداؤهم. وإذا جاءت امرأة مسلمة في زمن الهدنة: وجب دفع مهر إلى زوجها, في قول ضعيف.
ضابط: قال الرافعي: قال العبادي: لا يحبس المريض, والمخدرة, وابن السبيل. بل يوكل بهم, ولا يحبس الوكيل, ولا القيم. إلا في دين وجب بمعاملته. قال شريح: ولا يحبس الكفيل إذا غاب المكفول, حيث لا يجب عليه إحضاره, ولا يحبس الممتنع من أداء الكفارات في الأصح; لأنها تؤدى بغير المال. بخلاف الزكاة والعشور. قاعدة: من حبسه القاضي: لا يجوز إطلاقه, إلا برضى خصمه, أو ثبوت فلسه. وزيد عليه: أو يؤدي ما عليه من الحق. واستشكل بأنه قد يتلف قبل وصوله إلى المستحق, فيفوت حقه. ولو ادعى شخص: أن له على مسجون حقا: جاز إخراجه من الحبس لسماع الدعوى بغير إذن الذي حبس له.
قال الصدر موهوب الجزري: يشهد بالسماع في اثنين وعشرين موضعا: النسب, والموت, والنكاح, والولاية, وولاية الوالي, وعزله, والرضاع, وتضرر الزوجة, والصدقات والأشربة القديمة والوقف, والتعديل, والتجريح لمن لم يدركه الشاهد, والإسلام, والكفر والرشد, والسفه, والحمل, والولادة, والوصايا, والحرية, والقسامة. وزاد الماوردي: الغصب. تنبيه: أفتى النووي بأن شرط الواقف لا يثبت بالاستفاضة, وصرح به ابن سراقة. وقال ابن الصلاح, تفقها: الظاهر ثبوته ضمنا, إذا شهد به مع أصل الوقف, لا استقلالا, وارتضاه الشيخ برهان الدين بن الفركاح. وهل تجوز الشهادة برؤية الهلال, اعتمادا على الاستفاضة؟ قال السبكي: لم أرهم ذكروا ذلك, ومال إلى خلافه. قاعدة: كل ما شرط في الشاهد, فهو معتبر عند الأداء, لا التحمل, إلا في النكاح. ضابط: قال الإمام: قال الأئمة: الخبرة الباطنة تعتبر في ثلاث: الشهادة على الإعسار, وعلى العدالة, وعلى أن لا وارث له. قاعدة: الشهادة على النفي: لا تقبل, إلا في ثلاثة مواضع: أحدها: الشهادة على أن لا مال له, وهي شهادة الإعسار. الثاني: الشهادة على أن لا وارث له. الثالث: أن يضيفه إلى وقت مخصوص, كأن يدعي عليه بقتل أو إتلاف أوطلاق في وقت كذا, فيشهد له بأنه ما فعل ذلك في هذا الوقت, فإنها تقبل في الأصح. ضابط: قال ابن أبي الدم: لا تقبل الشهادة في الحقوق المالية إلا بشروط: أحدها: تقدم الدعوى بالحق المشهود به. الثاني: استدعاء المدعي أداءها من الشاهد. الثالث: إصغاء الحاكم إليه واستماعها منه, وهل يشترط إذنه في الأداء؟ فيه نظر, وهو من الأدب الحسن. الرابع: لفظة: "أشهد" فلا يكفي غيرها: كأعلم وأجزم على الصحيح. قال: ومقابله وإن كان منقاسا من طريق المعنى, لكنه بعيد من جهة المذهب لأن باب الشهادة مائل إلى التعبد, فلا يدخل فيه القياس. الخامس: الاقتصار على ما ادعاه المدعي, فلو ادعى بألف فشهد بألفين, لم تثبت الزيادة قطعا, وفي ثبوت الألف المدعى بها خلاف, تقدم في تفريق الصفقة. السادس: أن يؤدي كل شاهد ما تحمله مصرحا به حتى لو قال شاهد بعد أداء غيره, وبذلك أشهد أوأشهد بمثل ما شهد به لم يسمع حتى يصرح بما تحمله, صرح به الماوردي قال: لأن هذا إخبار وليس بأداء. قال ابن أبي الدم: وهو كلام حسن صحيح. قال وعندي أن قوله "أشهد بما وضعت به خطي" لا يسمع أيضا. قلت: صرح بهذا الأخير ابن عبد السلام. السابع: أن ينقل ما سمعه أو رآه إلى الحاكم, فلو شهد باستحقاق زيد كذا على عمرو لم يسمع. المواضع التي يجب فيها ذكر السبب. منها: الإخبار أوالشهادة بنجاسة الماء, وبالردة وبالجرح. وقد أجابوا فيها بثلاثة أجوبة مختلفة, مع أن مدركها واحد, وهو اختلاف العلماء في أسبابها. فقالوا في الماء: يجب بيان السبب من العامي والفقيه المخالف ويقبل الإطلاق من الفقيه الموافق. وصححوا في الردة قبول الإطلاق من الموافق وغيره. وفي الجرح بيان السبب من الموافق وغيره, واعتذر عن ذلك في الجرح بأنه منوط باجتهاد الحاكم لا بعقيدة الشاهد, فلا بد من بيانه لينظر الحاكم أقادح هو أم لا؟ وفي الردة بأنه إنما قبل الإطلاق فيها; لأن الظاهر من العدل الاحتياط في أمر الدم, مع أن المشهود عليه قادر على التكذيب, بأن ينطق بالشهادتين, والمجروح لا يقدر على التكذيب.
تنبيه: صرح الماوردي والروياني وغيرهما بأنه لو قال الشاهد: أنا مجروح قبل قوله, وإن لم يعسر الجرح. ومنها: الشهادة باستحقاق الشفعة, يجب بيان سببها من شركة أو جوار بلا خلاف ومنها: الشهادة بأن هذا وارثه, لا يسمع بلا خلاف حتى يبين الجهة من أبوة أو بنوة أو غير ذلك لاختلاف المذاهب في توريث ذوي الأرحام. ومنها: لو شهدا بعقد بيع أو غيره من العقود ولم يبينا صورته, فهل يسمع أو لا بد من التفصيل؟ فيه خلاف. ومنها لو شهدا أنه ضربه بالسيف فأوضح رأسه قال الجمهور: يقبل وقال القاضي حسين لا بد من التعرض لإيضاح العظم; لأن الإيضاح ليس مخصوصا بذلك وتبعه عليه الإمام, ثم تردد فيما إذا كان الشاهد فقيها وعلم الحاكم أنه لا يطلق لفظ الموضحة إلا على ما يوضح العظم. ومنها: لو شهد بانتقال هذا الملك عن مالكه إلى زيد, فالراجح أنها لا تسمع إلا ببيان السبب, وقيل: لا يحتاج إليه, وقيل: إن كان الشاهدان فقيهين موافقين لمذهب القاضي, فلا حاجة إلى بيان السبب, وإلا احتيج. ومنها: إذا شهدا أن حاكما حكم بكذا ولم يعيناه فالصحيح القبول وقيل: لا بد من تعيينه لاحتمال أن يكون الحاكم عدوا للمحكوم عليه أو ولدا للمحكوم له. ومنها: إذا شهدا أن بينهما رضاعا محرما, فالجمهور على أنه لا بد من التفصيل, واختار الإمام وطائفة عدمه, وتوسط الرافعي, فقال: إن كان الشاهد فقيها موافقا قبل وإلا فلا. ومنها: الشهادة بالإكراه; لا تقبل إلا مفصلة, وفصل الغزالي: بين الفقيه الموافق وغيره. ومنها: الشهادة بشرب الخمر. الأصح, الاكتفاء بالإطلاق; وقيل: لا بد من التعرض لكونه كان مختارا عالما بأنها خمر. ومنها: لو باع عبدا ثم شهد اثنان أنه رجع ملكه إليه. قالوا: لا تقبل ما لم يبينا سبب الرجوع من إقالة ونحوها ويجيء فيه الخلاف السابق. ومنها: الشهادة بالسرقة. يشترط فيها بيان كيف أخذ؟ وهل أخذ من حرز؟ وبيان الحرز, وصاحب المال. ومنها: الشهادة بأن نظر الوقف الفلاني لفلان, فإنه يجب بيان سببه ولا تقبل مطلقة كما أفتى به ابن الصلاح, كمسألة: أنه وارثه. ومنها: الشهادة ببراءة المدعى عليه من الدين المدعى به. قال الهروي: لا تقبل مطلقة لاختلاف في أسباب البراءة, وخالفه العبادي. ومنها: الشهادة بالرشد, يشترط بيانه للاختلاف فيه. ومنها: الشهادة بانقضاء العدة, لاختلاف العلماء فيه. ومنها: لو شهدت بأنه يوم البيع أو يوم الوصية مثلا, كان زائل العقل اشترط تفصيل زواله, قاله الدبيلي. ومنها: الشهادة بأن هذا مستحق هذا الوقف. ومنها: الشهادة بأن فلانا طلق زوجته: لا تقبل حتى يبين اللفظ الواقع من الزوج; لأنه يختلف الحال بالصريح والكناية والتنجيز والتعليق, قاله في الأنوار. ومنها: الشهادة بأنه بلغ السن لا تقبل حتى يبينوه لاختلاف العلماء فيه بخلاف ما لو لم يقل بالسن, فإنها تسمع. ومنها: الشهادة على الزنا, لا بد من بيانه أنه رأى ذكره في فرجها. ومنها: الشهادة أن غدا من رمضان, هل تقبل مطلقة أو لا بد من التصريح برؤية الهلال؟ لاحتمال أن يكون مستنده الحساب. المتجه, وصرح ابن أبي الدم وغيره بالأول. ثم بعد أن اخترت الثاني بحثا رأيت السبكي قواه في الحلبيات فقال: قوله "أشهد". أن الليلة أول الشهر" ليس فيه التعرض للهلال أصلا, فيحتمل أن يقال, لا تقبل; لأن الشارع أناط بالرؤية أو استكمال العدد واستكمال العدد يرجع إلى رؤية شهر قبله فمتى لم يتعرض الشاهد في شهادته إلى ذلك ينبغي أن لا يقبل, أو يجري فيه الخلاف فيما إذا شهد الشاهد بالاستحقاق من غير بيان السبب, ففيه خلاف; لأن ذلك وظيفة الحاكم ووظيفة الشاهد: الشهادة بالأسباب فقط. قال: وهنا احتمال آخر زائد يوجب التوقف, وهو احتمال أنه اعتمد الحساب, كما ذكر ذلك أحد الوجهين, في جواز الصوم بحساب إذا دل على طلوع الهلال وإمكان رؤيته فلهذا يحتمل أن يقال: لا يقبل الحاكم شهادته حتى يستفسره, ويحتمل أن يقال, إن عدالته تمنعه من اعتماد الحساب, ومن التوسط المانع من أداء الشهادة ومقتضى الحمل على أنه ما رأى وإنما تواتر عنده الخبر برؤيته. قال, وهذا هو الأظهر, وجزم به ابن أبي الدم انتهى. ومنها: قال السبكي إذا نقض الحاكم حكم أحد, سئل عن مستنده, وإنما لا يلزم القاضي بيان السبب إذا لم يكن حكمه نقضا. ومنها: لو مات عن ابنين مسلم ونصراني, فقال كل: مات على ديني وأقام كل بينة اشترط في بينة النصراني تفسير كلمة التنصر بما يختص به النصارى كالتثليث, وهل يشترط في بينة المسلم تبيين ما يقتضي الإسلام؟ فيه وجهان لأنهم قد يتوهمون ما ليس بإسلام إسلاما. ومنها: إذا ادعى دارا في يد رجل, وأقام بينة بملكها, وأقام الداخل بينة أنها ملكه هل تسمع مطلقة, أو لا بد من استناد الملك إلى سبب؟ الأصح, الأول وترجح على بينة الخارج باليد. ومنها: قال ابن أبي الدم, شاع في لسان أئمة المذهب أن الشاهد إذا شهد باستحقاق زيد على عمرو درهما مثلا, هل تسمع هذه الشهادة؟ فيه وجهان. والمشهور فيما بينهم: أنها لا تسمع. قال, وهذا لم أظفر به منقولا مصرحا به هكذا, غير أن الذي تلقيته من كلام المراوزة وفهمته من مدارج مباحثهم أن الشاهد ليس له أن يرتب الأحكام على أسبابها, بل وظيفته أن يقول ما يسمعه منها من إقرار وعقد تبايع أو غير ذلك أو ما شاهده من التفويض والإتلاف, فينقل ذلك إلى القاضي, ثم وظيفة الحاكم ترتيب المسببات على أسبابها. فالشاهد سفير, والحاكم متصرف, والأسباب الملزمة مختلف فيها, فقد يظن الشاهد ما ليس بملزم سببا للإلزام, فكلف نقل ما سمع أو رأى, والحاكم مجتهد في ذلك انتهى. وقال في المطلب: جمع بعض الفقهاء المواضع التي لا يقبل فيها الخبر إلا مفصلا فبلغت ثلاثة عشر: أن الماء نجس, وأن فلانا سفيه, وأنه وارث فلان, وأن بين هذين رضاعا وأنه يستحق النفقة والزنا والإقرار به والردة والجرح والإكراه والشهادة على الشهادة. وزاد غيره: أنه قذفه وأن المقذوف محصن وأنه شفيع, وأنها مطلقة ثلاثا. وقال الشيخ عز الدين: ضابط: هذا كله: أن الدعوى, والشهادة, والرواية المترددة بين ما يقبل وبين ما لا يقبل, لا يجوز الاعتماد عليهما إذ ليس حملها على ما يقبل أولى من حملها على ما لا يقبل, والأصل عدم ثبوت المشهود به والمخبر عنه, فلا يترك الأصل إلا بيقين, أو ظن يعتمد الشرع على مثله. الشهادة على فعل النفس. فيه فروع: منها: قول المرضعة: أشهد أني أرضعته وفي الاكتفاء بذلك وجهان. أصحهما: القبول. والثاني لا; لأنها شهادة على فعل النفس, فلتقل إنه ارتضع مني. ومنها: قول الحاكم بعد عزله: أشهد أني حكمت بكذا, وفيه وجهان. الصحيح عدم القبول. ومنها: القسام إذا قسموا ثم شهدوا لبعض الشركاء على بعض أنهم قسموا بينهم واستوفوا حقوقهم بالقسمة, والصحيح عدم القبول أيضا. ومنها: لو شهد الأب وآخر أنه زوج ابنته من رجل, وهي تنكر. قال السبكي: قياس المذهب أنها باطلة. وقد فرق الأصحاب بين مسألة المرضعة ومسألة الحاكم والقاسم, بأن فعل المرضعة غير مقصود, وإنما المقصود وصول اللبن إلى الجوف, وأما الحاكم والقاسم ففعلهما مقصود ويزكيان أنفسهما لأنه يشترط فيه عدالتهما. قال السبكي: وزيادة أخرى في شرح كون فعل الحاكم والقاسم مقصودا أنه إنشاء يحدث حكما لم يكن لأن حكم الحاكم إلزام ويرفع الخلاف, وقيمة القاسم تميز الحين وهذه الأحكام حدثت من فعلهما من حيث هو فعلهما, وأما فعل المرضعة فليس بإنشاء بل فعل محسوس ولم يترتب عليه حكم الرضاع من حيث هو فعلهما, بل ولا يترتب عليه أصلا بل على ما بعده وهو وصول اللبن إلى الجوف حتى لو وصل بغير ذلك الطريق حصل المقصود. فبان الفرق بين المرضعة والحاكم والقاسم. قال: والذي يشبه فعل الحاكم والقاسم, تزويج الأب فإنه إنشاء لعقد النكاح مترتب عليه: فإذا شهد به كان كشهادة الحاكم والقاسم سواء. قال: وكذلك لو أن رجلا وكل وكيلا في بيع داره ومضت مدة يمكن فيها البيع, ثم عزله ثم شهد مع آخر أنه كان باعها من فلان قبل العزل. ينبغي أن يكون مثل الحاكم ولم أرها منقولة. وقد ذكر الأصحاب: حكم إقراره, ولم أرهم ذكروا حكم شهادته, انتهى كلام السبكي. ومنها: الشهادة على الزنا, قال الهروي في الإشراف يقول: أشهد أني رأيت فلانين فلان زنى بفلانة, وغيب فرجه في فرجها. وقال الرافعي في الجرح: يشترط التعرض لسبب رؤية الجرح أو سماعه, فلا بد أن يقول: "رأيته يزني" و سمعته يقذف ومقتضى ذلك الاتفاق على قبول هذه الصيغة في الجرح. ومنها: قال ابن الرفعة في الكفاية: إذا تحمل الشهادة على الإقرار من غير استدعاء ولا حضور عنده قال في شهادته أشهد أني سمعته يقر بكذا ولا يقول: أقر عندي. قال السبكي, وهو في الحاوي للماوردي. هكذا قال. ورأيته أيضا في أدب القضاء للكرابيسي صاحب الشافعي. ومنها: قال ابن أبي الدم: يقول شاهد النكاح حضرت العقد الجاري بين الزوج والمزوج, وأشهد به ومن الناس من يقول: "أشهد أني حضرت" واللفظ الأول أصوب ولا يبعد تصحيح الثاني, وهو قريب من الخلاف في المرضعة. قال ومثل هذا شهادة المرء برؤية الهلال: أن يشهد أن هذه أول ليلة من رمضان فيكتفى به استنادا إلى رؤية الهلال, وإن قال: أشهد أني رأيت ففيه النظر المتقدم. قال السبكي: ويخرج منه أن في "أشهد أني رأيت الهلال" خلافا, كالمرضعة والصحيح القبول. قال: ولسنا نوافقه على ذلك, بل نقبل قطعا, وليس كالمرضعة. قال: وممن صرح بقبول أشهد أني رأيت الهلال القاضي حسين والإمام, والرافعي, والهروي في الإشراف, وابن سراقة من متقدمي أصحابنا. قال: ولا ريبة في ذلك, ولا أعلم أحدا من العلماء قال بأنه لا يقبل, وإنما هو بحث يجري بين الفقهاء وهو بين الفساد دليلا ونقلا. قال: والسبب الذي أوجب لهم ذلك: ظن أنه مثل مسألة المرضعة من جهة أنه أمر محسوس يترتب عليه حكم. قال: وليس كذلك. ووجه الالتباس: أن فعل المرضعة على الجملة, فعل يترتب عليه أثر, وأما رؤية الشاهد فليست فعلا, وإنما هي إدراك, والإدراك من نوع العلوم لا من نوع الأفعال. وتنصيص الشاهد عليها تحقيق لتيقنه وعلمه. قال: وقد ذكر الأصحاب تعرض الشاهد للاستفاضة إذا كانت مستندة, واختلفوا في قبوله ولا يتوهم جريان ذلك هنا, لما في التعرض للاستفاضة من الإيذان بعدم التحقق عكس التعرض للرؤية فإنه يؤكد التحقيق. انتهى. ضابط: لا تقبل شهادة التائب قبل الاستبراء, إلا في صور: أحدها: شاهد الزنا إذا وجب عليه الحد لعدم تمام العدد وتاب, يقبل في الحال من غير استبراء على المذهب. الثاني: قاذف غير المحصن. الثالث: الصبي إذا فعل ما يقتضي تفسيق البالغ, ثم تاب وبلغ تائبا: لم يعتبر فيه الاستبراء. الرابع: مخفي الفسق إذا تاب وأقر وسلم نفسه للحد. ذكره الماوردي والروياني. قال في المهمات: وهو ظاهر. قال البلقيني: وهو متجه. الخامس: المرتد. ذكره الماوردي. ومما لا يحتاج فيه إلى الاستبراء في غير الشهادة. القاضي إذا تعين عليه القضاء, وامتنع: عصى, فلو أجاب بعد ذلك ولي ولم يستبرأ; لأنه لا يمتنع إلا متأولا. والولي إذا عضل عصى, فلو زوج بعد ذلك صح بلا استبراء. والغارم في معصيته يعطى إذا تاب: فائدة: لنا صورة يجب فيها على شاهد الزنا أن يؤدي الشهادة به, وذلك إذا تعلق بتركه حد كما إذا شهد ثلاثة بالزنا, ذكره الماوردي والروياني, ونقله في الكفاية. قال الأسنوي: وهو ظاهر.
|